بوابة ديوان المظالمالخطة الاستراتيجية لديوان المظالمكلمة معالي الرئيس

كلمة معالي الرئيس

آخر تحديث :11/11/1439 07:57 ص

الحمد لله رب العالمين القائل ـ سبحانه ـ : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) سورة التوبة الآية (١٠٥)، والصلاة والسلام على الرسول الأمين حاث البشرية على تمام الأعمال وإتقانها صلى الله وسلم عليه تسليماً كثيراً، أما بعد:

    إن الله أكرم بلادنـــا المملكـة العربيـة السعوديـة من نعمـه التتـرى ما نسألـه العـون على شكـرها، واستعمالها في طاعته، فكرمنا سبحانه بنعمة الإسلام، منهاجاً وسبيلاً، ورسالة، تحقيقاً للأمن والهدى، كمـا قال سبحانه: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) سورة الأنعام آية (٨٢)، فالوحي دستورها، والتوحيد رايتها، فسارت بعونٍ من الله إلى أن بلغت ما بلغته اليوم، فضلاً من الله ونعمة، ثم بفضل قادةٍ همهم الإسلام وهامتهم الثريا، من لدن المؤسس الملك/ عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ الذي ابتنى هذه البلاد نخلة باسقة طيبة، فأنبتت نباتاً حسناً، لتقف شامخةً فتيةً لم تنحنِ لمرجفٍ، ولم تحنها عواصف الضلال، وأثمرت أجيالاً يتوارثون العطاء من قادتها إلى يومنا الحاضر تحت ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ أدام الله توفيقه.

والمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها انتهجت منهجاً وسطاً، بهوية شرعية، ومعطيات تنموية، تستـقرئ لمجتـمعها العـمل والسـعي، وتسـتحـثّ علـى المـنافسـة فـي ميـاديـن التـطور والصناعة والاقتصاد والاستثمار الآمن.
      وفي العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك/ سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –أدام الله توفيقه ونصره-، تستشرف المملكة المستقبل برؤية طموحة، كُرست لها المجالس، وشُحذت بها الهمم حتى أثمرت طريقها للنجاح بـ (رؤية 2030) التي صدر بها قرار مجلس الوزراء رقم (308) وتاريخ 18 /7 /1437هـ بناءً على ما رفعه مجلـس الشؤون الاقتصـادية والتنـميـة برئـاسـة صاحـب السمـو الملـكـي الأميـر محمـــد بن سلمــان –حفظه الله-، ولم يبق إلا العمل جنباً إلى جنـبٍ مسؤولـين ومواطـنين في سبـيل تحقيق غـاياتها، وأن نكـون جـزءاً من نجاحها.
      لقد أصبح استشراف المستقبل والتخطيط له أمراً حتمياً في واقعنا الإداري الحكومي، فتطور الأعمال، واتساع الشريحة المستهدفة من الخدمات الحكومية، يلزم معه تخطيطٌ محكمٌ يضمن تسيير العمل وفق رؤية واضحة ترسم الأهداف وتترسم الخطى لتنفيذها، يهدف لعمل قضائي وإداري مؤسسي نتطلع إليه في قطاعاتنا الحكومية.

      إن مسؤوليتنا في ديوان المظالم: قضاةً وموظفيـن تجـاه (رؤية 2030) الانـطلاق منهـا كغطـاءٍ استراتيجي، بوضع البرامج التي تنبثق منها إلى واقعٍ في قضائنا وإجراءاتنا الإدارية، وقبل ذلك وبعده أن نكون مواطنين طموحين، نؤمن بأهمية التغيير ونتقبل الصعاب للوصول إلى النجاح.

ولما كان ديوان المظالم اليوم يعيش مرحلةً حيوية، يتطلع فيها إلى رؤيته الطموحة بالريادة في القضاء الإداري، تأسيساً على توظيف وسائل التقنية، وتطوير عمله القضائي والإداري، إيماناً بأن التغيير نحو الأفضل ضرورة، وأن مواكبة التطور التقني وتوظيفه التوظيف الأمثل واقعٌ لا يمكن تجاهله.
     ولما كانت الرؤى لا بد أن تندرج في خطط استراتيجية ليمكن تنفيذها وقياسها، فقد تم تكليف فريق نخبوي مشترك من قضاة ومستشارين متخصصين وموظفين، لإعداد خطة استراتيجية لديوان المظالم، للانطلاق منها، وإتاحتها بين يدي منسوبي ديوان المظالم، للتأكيد على أهمية الانتماء والولاء الوظيفي، والمشاركة الفعالة لتحقيق أهدافها.
     وتأسيساً عليه، فإنه يمكننا أن نستخلص منها دوراً وطنياً كمواطنين ننتمي لهذا الوطن المعطاء: المملكة العربية السعودية، ودوراً قضائياً كهيئة قضاء إداري مستقلة، ودوراً إدارياً بوصفنا جهة حكومية تخدم شريحة المتقاضين، وذلك في محاور ستة:

الأول: التمسك بالمبادئ الإسلامية، والهوية الوطنية:

    فقد أكدت الرؤية أننا "مجتمع حيوي يعيش أفراده وفق المبادئ الإسلامية ومنهج الوسطية والاعتدال"، مواطنون معتزون بهويتنا الوطنية، وأن "ثروتنا الحقيقية في مجتمعنا وأفراده وديننا الإسلامي ووحدتنا الوطنية"، وأن الإسلام ومبادئه يمـثل "منهـج حيـاة لنـا "، فدورنـا "ترسيخ القيم العربية والإسلامية الأصيلة"، إذ إن " أبرز ما يميز مجتمعنا التزامه بالمبادئ والقيم الإسلامية "، وهو محل اعتزاز بأن بلادنا ـ ولله الحمد ـ منبع الهوية الإسلامية، ورسالته السامية ومنها نحو المنافسة العالمية، عبر ميادين الحياة، بعزيمة وهمة متفائلة.

الثاني: الطموح:

   رؤية طموحة تستنهض مكامن القوة المملوكة بيننا بالتأكيد على أهمية العمق الإسلامي والعربي للمملكة العربية السعودية، وما فيها من قدرات استثمارية، وما تحظى به من موقع جغرافي استراتيجي، فـ " نبنيَ وطناً أكثر ازدهاراً يجد فيه كل مواطن ما يتمناه"، و (رؤية 2030) "الخطوة الأولى في توجهنا الجديد نحو تطبيق أفضل الممارسات العالمية في بناء مستقبل أفضل لوطننا"، فالطموح أساس في سلوكنا وأفكارنا وأعمالنا ومستقبل قضائنا.
الثالث: التواصل بين الجهات الحكومية:
     أكــدت الرؤيــة علــى أهـمـية " تدعيــم قنـوات التـواصـل بيـن الأجهـزة الحكـوميـة "، وهـذا جـانـب سنسـعى لتعزيـزه، من خلال: تحقـيق الشـراكـات الاستـراتيـجـية مـع مخـتـلف الجهـات الحكـومية والجامعات، بما يحقق التعاون الإداري والتنظيمي في سبـيل حفـظ الحقـوق ورد المظـالم، ويـؤدي رسـالة ديوان المظالم بأسلوب أمثل.
الرابع: التطوير والتحسين:
     و "تحسين بيئة الأعمال"، وأهمية " تعزيز الكفاءة والشفافية والمسـاءلة"، والتـزام "قيم الإتقان والانضباط والعدالة والشفافية"، والتأكيد على أن تحقق الميزانيات الحكومية جدوىً حقيـقة، من خلال "التحول من التركيز على سلامة الإجراءات فحسب إلى مفهوم فاعلية الصرف وارتبـاطه بتحقيق أهداف محددة يمكن قياس فاعليتها بما يحفظ استدامة الموارد والأصـول والموجـودات"، والعناية بإدارة "المـوارد البشرية بأسلـوب أمثـل"، أســـاس ركيـــن من مهــام لجـنة التطـويـــر الإداري، واللجان المساندة لها، بمساندة الإدارة العامة للتخطيط والتطوير والإدارة المالية على وضع خطط تمكن من قياس فاعلية المصروفات، تحقيقاً للتوازن بين المصروفات والمخرجات، تأكيداً من الرؤية الشفافة أن "إنتاجية القطاع الحكومي لا تتناسب مع حجم الإنفاق"، مما يجعل التحدي بالسعي لاستثمار مقدراتنا المالية والبشرية بترشيد المصروفات وزيادة الإنتاج.
الخامس: توظيف التقنية:
   أكدت الرؤية على "توسيع نطاق الخدمات الإلكترونية وتحسين معايير الحوكمة، بما سيحد من التأخير في تنفيذ الأعمال وتحقيق هدفنا في أن نقود العالم في مجال التعاملات الإلكترونية"، وذلك بتحسين "جودة الخدمات الإلكترونية المتوافرة حالياً عبر تيسير الإجراءات وتنويع قنوات التواصل وأدواته"، وأكدت على أهمية "استعمال التطبيقات الإلكترونية على مستوى الجهات الحكومية، مثل السحابة الإلكترونية الحكومية، ومنصة مشاركة البيانات، ونظام إدارة الموارد البشرية"، وهذا الطموح العالمي لقيادة العالم في التعاملات الإلكترونية يتطلب جهداً مضاعفاً، ويستحث الهمم لأن تتسارع الخطى في سبيل إنهاء مشروع المحكمة الإلكترونية، واستحداث التطبيقات الإلكترونية القضائية، وتحقيق التحــول التقنــي الكامــل في كــل الأعمــال الإدارية المساندة، وهو عمل طموح وهدف أساس في استراتيجية ديوان المظالم.
السادس: التدريب، والتدريب عن بعد:
     امتلاك موظفي الدولة الكفاءات والمهارات المتلائمة مع احتياجاتهم التدريبية، والتدريب عن بعد، ذو بعد في الرؤية، بتطبيق مبادئ الموارد البشرية من خلال "تدريب أكثر من 500 ألف موظف حكومي عن بعد وتأهيلهم لتطبيق مبادئ إدارة المواد البشرية"، بهدف "التأكد من أن موظفي القطاع العام يمتلكون المقومات والمهارات اللازمة "، وهو هدف استراتيجي بخطط تنفيذية مع إدارتي الموارد البشرية، والتدريب والابتعاث، لتكثيف التدريب، وتفعيل التدريب عن بعد، لا بوصفه خياراً مسانداً، بل بوصفه خياراً استرا​تيجيا.ً
     وإني على ثقة تامة بأن الجميع يحمل الطموح المتفائل الذي تحمله (رؤية 2030)، ويؤمن بخيارات التطور والتنمية التي بشرت بها، وعلى استعداد لتحويل جوانبها إلى واقع في ديوان المظالم، بأن يؤدي كل منا مهامه الموكلة إليه بأعلى معايير الجودة والإتقان والأمانة، ويسهم في المشاركة الإيجابية الفاعلة مع زملائه لتحقيق النجاح، ويحمل روحاً إيجابية طامحة تنطلق من الحاضر للمستقبل، وتعمل اليوم للغد، وبما يحقق تطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -.
    وختاماً فالحمد لله سبحانه على ما يسّر من إعداد استراتيجية ديوان المظالم 1437-1442هـ (2020)، والتي تعاضدت فيها جهـود فــريق إعداد الخطـة الاستراتيجيـة وأصحـاب الفضيلـة رؤسـاء المحاكـم ومشرفـي الإدارات، وأصحاب السعـادة مـدراء الإدارات لتكتمـل وفـق الـرؤى والتوجهـات الوطنيـة، المنبثقة من قيمنا الإسلامية.
     ثم الشكر لقيادة هذه البلاد المباركة على دعمها المادي والمعنوي غير المحدود لديوان المظالم، بما يجعل العمل الدؤوب هو أساس المرحلة الحالية للمملكة العربية السعودية.

ونسأل الله التوفيق والسداد والهدى والرشاد

22.png 

رئيس ديوان المظالم

رئيس مجلس القضاء الإداري

د. خالد بن محمد اليوسف

 

التقييم
تم نسخ رابط الصفحة. Page link is copied.
الرجاء الضغط على في شريط العنوان ، لإضافة الصفحة للمفضلة Please select in your top bar to add this page as favorite